الأربعاء، 25 مارس 2009

الصنمان ..الأيديولوجيا الوهابية والإمامية


أخبرني أحد شيوخ نجد أن مؤسس الدولة السعودية حين استطاع استغلال الدعوة الدينية السلفية لصالح أسرته وكانت مصلحة أمة الإسلام لو قام بإعادة الخلافة الإسلامية التي قد ألغاها مصطفى كمال أتاترك إبان تأسيس السعودية ، قال عبدالعزيز لـ"إخوة من أطاع الله" وكتائب "المجاهدين" : (يالاخو قلبك رخو، قضينا بك حويجة)وكان والد صديقي السلفي يرددها ليغيظ ابنه ، كأنه يذكره بأنكم معشر المطاوعة ما أنتم إلا (إمعات رعاع تبع لابن سعود)ولاشأن لي بالسياسة ولا بحزب الله والشيطان ولا بإيران وعربستان وكردستان ولا الأمير فلان أو علان. ولكن بوصفي مهتما بـ(علم الكلام وأصول الدين وتاريخ الأفكار في الحضارة الإسلامية) فقد توصلت إلى حقيقة عندي عليها ألف دليل ودليل.سأخبر عنها في نهاية هذا المقال.إذا حاولنا تحليل الأيديولوجيات للكشف عن "أساطيرها" تبين لنا أن الأيديولوجيتين الكبريين المتقاسمتين للأمة هما : الأيديولوجية السلفية (يحلو لبعضهم أن يسميها الوهابية ، وقد رأيت كتابا اسمه[ فصل الخطاب بين الوهابيين وخصومهم ]لأحد النجديين في اوائل القرن العشرين، لكن التسمية اليوم تطلق من قبل خصومهم عليهم أكثر) وشعارها : العودة إلى القرآن والسنة بحسب فهم السلف(؟) الصالح.والأيديولوجيا الثانية هي أيديولوجيا الإمامية الاثني عشرية وشعارها ولاء آل البيت عبر صاحب الزمان الذي (قد) يلتقي به بعض الفرس (أو حتى العرب إذا أعلنوا الإيمان به).ولكي نفهم أي أيديولوجيا يجب أن نكشف ثابتها البنيوي، فهو مصدر قوتها وضعفها في نفس الوقت.في الأيديولوجيا الوهابية (مفهوم السلف) وفي الأيديولوجيا الإمامية(مفهوم الإمام المهدي صاحب الزمان قائم آل محمد)ولأنّ الوهابية جاءت في الأصل قبل مئتي سنة فإنها استطاعت أن تستخدم مفهوم السلف التجريدي بكل رحابة صدر. لقد صيغت شخصية "غير واقعية" لكائن لا وجود له أطلق عليه اسم "سيد سلف". إنه ليس الفقهاء الذين كان بعضهم مؤيدا لثورة زيد بن علي كأبي حنيفة وسفيان الثوري وبعضهم يرى رأي الخوارج وبعضهم يرى رأي المرجئة. ولكنه كائن صيغ من مجموعة علماء الحديث في القرن الثالث الهجري. ولماذا لم تستطع السلفية أن تصوغ من الصحابة أنفسهم في عصر أبي بكر وعمر سلفا وقد كانوا موحدين وأفكارهم واضحة ومجتمعهم واضح ورسالتهم واضحة.؟من وجهة نظري المتواضعة أن "العلم" عند بدو نجد والمدرسة الحنبلية قد انحرف عن طريقة الصحابة في التفكير فأصبحوا دون مستوى أن يفهموا أصلا طريقة الصحابة في التفكير.ولذلك أصبح "العلم عند بدو نجد" هو أن تستعيد صراع القرن الثالث والرابع الهجري وأفكاره التي لم يعرفها الصحابة ولو نوقشت أمام عمر بن الخطاب لضرب عليها بالدرة. لكنها عند بدو نجد "عين العلم والعقيدة الصحيحة."السلف الحقيقي لم يسأل أحد منهم صاحبه ماذا تعتقد في الصفات؟ هم الذين رووا أن النبي صلى الله عليه وسلم سأل جارية ذات يوم أين الله فقالت في السماء. فقال دعها فإنها مؤمنة. ولكنهم لم يسألوا مسلما ولم يجيزوا أصلا لمسلم أن يسأل مسلما أين الله لأنه ليس من حق مسلم أن يسأل مسلما أمورا كهذه.لكن الوهابي يريد أن يصنف أمة الإسلام هل تتبع طريقته في التفكير فتراه إذا ذُكر عنده مسلم ما يقول (كيف عقيدته) والعقيدة ليست ثوابت القرآن والإسلام التي قاتل من أجلها الصحابة(السلف الحق) ولكن (ماذا تثبت وتنفي لله تعالى وهو علم مبتدع لأنه محاولة لإخضاع الذات الإلهية للعقل الإنساني القاصر وما دونه التاريخ وعجز عن تدوينه من أوصاف) ولو علم السلفي الذي يتبع سلفا "مزورا" أن أخلاق الإسلام لا تجيز لمسلم أن يسأل مسلما عما لم يسأل عنه الصحابة بعضهم ، لأن هتك الأخلاق أعظم من فهمك البدوي السقيم لعاد إلى رشده.إن "بدو نجد" وحتى بعد عصر البترول يغضون الطرف عن وجود سلف طالح فاسد فاسق يعيش مع سلفهم وأن كتبا كثيرة ذكرها ابن النديم في فهرسه قد ألفت في الخضخضة وجلد عميرة وعلم "الباه" (الجنس) كمقامات البغدادي قبل صحيح البخاري ومسلم ومدونات القرن الثالث!!ولمحاولة النجديين إلغاء العقل وتكميمه أقاموا دعوتهم على شعار قوي لكنهم جردوه من فاعليتهفقالوا إننا ندعو الى القرآن والسنة بفهم "السلف" الصالح!فعلينا أن نفهم بفهم كائن متخيل غير مشخص ولا مجسد بل فكرة تجريدية نسميها السلف ونصدق كل ما نسب اليها أو حتى بعضه!!هذا الكائن المتخيل هو مقتل الوهابية وسبب قوتها وضعفها. في آن واحد.ونحن في هذه المرحلة لا نريد من مطاوعة السلفية سوى أن يعودوا الى السلف الحق وهم الصحابة الذين قاتلوا المرتدين حين فرقوا بين الصلاة والزكوة وفرقوا وحدة الأمة.وأهم خصائص السلف الحق ذكرها أبو عنبة الخولاني وقد شاهدهم بعينيه قال:"ألا أدلكم على خلال كان عليها إخوانكمأولها لقاء الله أحب إليهم من الشهدوثانيها لم يكونوا يخافون من عدوّ قلوا أو كثرواوثالثها لم يكونوا يخافون عوزا من الدنياورابعها إذا نزل بهم الطاعون لم يبرحوا حتى يقضي الله فيهم ما قضى"وليس من صفات السلف الحق أن يثيروا مواضيع لا تقرب إلى الله ولا تنسب الى العقيدة.لقد انحلت الوهابية الى تخدير وتجهيل للناس وصدّ عن سبيل السلف الحق وأصبح الوهابي عبدا لموظفي أوقاف آل سعود.أما الأيديولوجيا الإمامية فهي أن الفرس حين كرهوا الذين أسقطوا دولتهم من العرب أصحاب محمد قاموا بتبني المصلحة السياسية للعلويين المعارضين لبني العباس، ومن أجل تحقيق الانفصال عن الأمة وجدوا أن السبيل الوحيد هو (تزوير لتاريخ) فالعرب الذين حضروا محمدا يوصي لعلي قد "اتفقوا" على إخفاء الوصية" وهكذا على المسلم أن يصدق الغائبين الذين يدعونها ويكذب الحاضرين الذين أنكروها ولم يسمعوا بها.لكن مصدر قوة الإمامية وضعفها هو الكائن الميتافيزيقي المسمى قائم آل محمد.إن حسد الفرس للعرب أن يكون منهم نبي يتصل بالسماء قد جعلهم يسعون جهدهم أن يستلوا من العرب هذا النبي وأسرته وفي نفس الوقت أن يستعيدوا أحد آلهتهم القدماء قبل الإسلام بصفات خارقة ولكن (لتسويقه على الأمة) بأن زوّروا له نسبا في سلسلة انقطعت من العلويين. وهذا أصبح كل فارسي يدعي اللقاء به من الناحية الواقعية (نبيا). فكل رجالات الإمامية الذين من الممكن أن يدعوا (كشف الحجاب) أو النيابة عن هذا الإله هم في الواقع كائنات لها نفس فكرة الأنبياء. وهذه هي حجة ابن حزم الأندلسي حين عدّ مريم أم المسيح نبية محتجا بقوله تعالى (كلما دخل عليها زكريا المحراب وجد عندها رزقا قال يامريم أنى لك هذا قالت هو من عند الله...هنالك دعا زكريا ربه). قال ابن حزم فكل من أنبئ وكشف له الحجاب فهو نبي.ولذلك لا ينكر الشعب الإيراني على روح الله الخميني توزيعه مفاتيح الجنة على أطفال بعمر 12-14 سنة رآهم العالم على التلفزيون وأسرهم جيش العراق وأعادهم عبر الصليب الأحمر، لا يستغربون أن يتصرف الخميني بهذا الشكل الذي هو أشبه بالجنون. وربما يستغرب رواد السبلة إذا حدثتهم أن عراقيا في اوربا من المصدقين بنظرية الإمامة الفارسية قال لي وقد سألته / في رقبة من دماء من قتل من الشعبين بسبب إصرار الخميني على الحرب؟. فقال: (بيها امر الاهي) وهذا العراقي يحضر اجتماعات حزب الدعوة العراقي هنا ومن تعاليمهم (تبجيل هذا "النبي " الفارسي الخميني) الذي هو واحد من آلاف الأنبياء الذين ادعوا لقاء او اتصالا بالإله صاحب الزمانالحجةقائم آل محمدإن الصراع القكري في المنطقة هو بين الفرس والعرب.العرب لسوء حظهم ابتزتهم أسرة نجدية ونسبت حتى اسم جزيرة العرب الى اسم جدها. وأخضعت دعوة تبنت مفهوما زائفا للسلف لمطامح هذه الأسرة. فكل سلفي هو عبد لموظفي اوقاف ابن سعود وكل امامي اثني عشري هو عبد لطبقة كهنوت فارسية حسدت العرب وكرهتهم وخلقت كائنا خرافيا لخلق انبياء يحققون للأمة الفارسية إعادة "مجدها". وهل يعود مجد بعد اغتيال العقل؟الفرس اليوم سعداء بأنه سينوب عنهم في مواجهة الأمة كتلة من عبيدهم من العرب الخاضعين للإله الفارسي(صاحب الزمان)وربما سيقاتلون العرب نيابة عن الفرس الذين سوف يستنكرون وينددون بانتهاكات العرب لحقوق عبيدهم.أما آل سعود وقد سعوا الى استبدال الأيديولوجيا السلفية بالبداوة النجدية فإنهم مترددون بين ترويض الأمة حتى ترضى بسيادتهم وبين خشيتهم من قيام الفرس بإثارة عبيدهم من العرب.سيحاول آل سعود باسم القرآن والسنة مرة أخرى أن يجعلوا العرب يتخندقون لصالحهم ضد الفرس.إذن فالصرااع بين أسر نجدية وأسر فارسيةيستخدم كل منها ورقة مصارعة ثيران لتعبئة الناسشعار النجديين القرآن والسنة والتوحيد حسب فهم كائن متخيل اسمه (السلف الصالح)وشعار طبقة الكهنوت الفارسية ولاية آل البيت عبر الكائن المتخيل (صاحب الزمان) الذي من الممكن لأي فارسي من طبقة الكهنوت او ابواقها العرب أن يدعي لقاءه فيصبح نبيا أو بحكم النبي لا يجوز خلافه.العجيب أن هاتين الكتلتين يسكتان عن بعضهما بسبب نفوذ القوى الخارجية في المنطقة.هنا ينتهي علم الكلام وتدخل السياسة.وأنا ممن لا يفهمون بها شيئاً
__________________

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق