الجمعة، 27 مارس 2009

إيوان كسرى ...ضلع الزهرا

قادتني الصدفة في جنبات اليوتيوب إلى الاستماع إلى أحد العراقيين التابعين لمذهب ايران الرسمي،وهو يغني قصيدة لرجل اسمه صالح الحلي فأعجبني أن أفكر في تحليلها سيميائيا بوصفي مطلاً على بعض منهجيات النقد الأدبي وتحليل النص الشعري!جعل المنشد بيتين من القصيدة طغراء يتكرر بين كل مقطعين،وهما
لولا سقوط جنين فاطمة لما ، أودى [=مات] لها في كربلاء جنين*وبكسر ذاك الضلع رُضت أضلُع،......
فشد انتباهي إلى أن هذه القصيدة خلاصة ما أضافه الصفوية إلى التشيع .وقبل البدء في التحليل السيميائي الضرورة أحببت أن أنقل وعي القارئ إلى التمييز بين التشيع وهو تيار سياسي اجتماعي عميق الجذور في أمة الإسلام نشأ بصورة طبيعية، وبين نظرية الإمامة التي تأخرت عن التشيع ولكنها ارتبطت به منذ القرن الثاني الهجري، وظلت تتطور إلى أن أصبحت على شكلها الحالي منذ القرن الخامس الهجري.يضاف إليها أدبيات أضافها الصفويون خصوصا حيث احيوا تيارات وأماتوا تيارات تدور كلها في فلك النظريةـــ كان التشيع العربي في حياة الحسن أي بعد اغتيال أمير المؤمنين علي يقوده شيوخ القبائل الموالية لآل البيت في وجه العصيان الأموي الذي استغل فترة حكم عثمان بن عفان ليمد جذوره وعلاقاته ونفوذه في المجتمع العربي الإسلامي.ومن أحسن نماذجه الأحنف بن قيس سيد بني تميم ، فهو حين رأى الحسن السبط قد بايع معاوية واشترط عليه أن يعود إليه الأمر بعد وفاة معاوية قام بالذهاب إلى معاوية لمبايعته، فهو لا يصير ملوكيا أكثر من الملك ولا شيعيا أكثر من آل محمد أنفسهم كما تحاول فضائيات الفرس اليوم!فقال له معاوية قاتلتنا يا أحنف؟ فأجابه إنّ السيوف التي قاتلناك بها على عواتقنا ، والقلوب التي أبغضناك بها بين جوانحنا، والله لا تظهر إلينا ذراعاً من غدر إلا أريناك باعاً من ختر.ــ أما التشيع العربي بعد مقتل الحسين ونكبة كربلاء فخير من يمثله ديوان الكميت وشعر السيد الحميري، ولكن على ما يظهر أن ديوان الهاشميات كان أبعد عن التغيير والإضافات من ديوان السيد الحميري، فنجد فيه نفس فكرة صالح الحلي دون فرية الضلع الذي سوف يعممه الصفويون ويوظفونه لتعبئة الجماهير ضد الأتراك العثمانيين الذين كانوا يهددون الدولة الصفوية.يقول الكميت
لمرضيّ السياسة هاشميٍّ ‘ وكان له أبو حسنٍ قريعا
ولكن الرجال تبايعوها ، فلم أر مثلها خطراً مبيعا
فلم أبلغ بها لعناً ولكن ، أساء بذاك أولهم صنيعا
فإن لم يكن هذا البيت مقحماً فإنه يعكس ان فكرة ضياع الخلافة من آل البيت كانت خطأ ارتكبه الخليفة الأول نفسه،،وتتردد مثل هذه الفكرة في شعر الكميت
.أهوى عليا أمير المؤمنين ولا ‘ ألوم فيها أبا بكرٍ ولا عمرا
ولا أقول ون لم يعطيا فدكاً ، بنت النبيِّ ولا ميراثه كفــــــرا
الله أعلم ماذا يأتيان به ، يوم القيامة من عذر إذا اعتذرا
أقدم بهذه المقدمة لألمح بأن فكرة تولي الخلفاء قبل علي كانت أحد أسباب ما تعرض له البيت العلوي من نكبات، كانت موجودة قبل نشوء فكرة الإمامة التي سنجدها في شعر الغلاة فيما بعد وبعد أن أصبح برمجة الإمامية لأبنائهم على ثوابت فكرهم وتصورهم للتاريخ ، وساعدهم على ذلك شيئان أولهما شفرة اللغة الفارسية التي استخدموها لبناء تيار فلسفي أقض مضجع الخلافة العباسية لأنه طابق بين شيئين مصلحة العلويين السياسية في مواجهة أبناء عمومتهم من بني العباس وبين الأمة الفارسية الموتورة.وحين استطاعوا إشاعة أن الأمَة الفارسية التي تسرر بها الحسين فأولدها زين العابدين كانت من بنات الأكاسرة ، عوضوا بذلك بعض الانسحاق النفسي الذي سببه المحق لعربي لدولتهم.والشيء الثاني كان الافتخار بقتل أمير المؤمنين عمر على يد الغلام الفارسي وإذا قرأنا بيت نصر بن سيار في أواخر أيام بني أمية وهو يصف المعارضة الفارسية للحكم العربي نجده يقول
قومٌ يدينون دينا ما سمعتُ به ‘ عن الرسولِ ولا جاءت به الكتبُ
فمن يكن سائلي عن أصل دينهم ، فإن دينهم أن تُقتَل العربُ
نستشف أن مشاعر بغض العرب كانت أحد أركان تيار المعارضة الفارسية التي كانت تتجه باتجاه انتشال البيت العلوي من العرب لتحافظ بذلك على فارسيتها وثأرها وفي نفس الوقت .تخضع للأمر الواقع بقبول الدين الجديد، لأنه أصبح بحكم المسلم به، أو على الأقل بأخذ قيم الزهد والتواضع منه فقط!!لكن هل رضي بعض العلويين الأشراف بذلك ؟مقابل أخذ الخمس؟كان نقباء الأشراف العلويين ذوي مكانة في البلاط العباسي، ولكن يمكن أن نستشف من متابعة بيت الشريفين الرضي والمرتضى ومؤلفاتهما بداية الازدواجية الشعورية داخل قلوب الأشراف انفسهم .وعلى ذلك لا نعتقد أن أئمة الشيعة كانوا على مذهب الفرس بأجمعهم.ونحن متأكدون من ذلك حتى علي الرضا ، ولكنا غير متأكدين من الثلاثة الأواخرــــ هل نجحت العوائل الفارسية بامتلاك مفتاح السيطرة على الإمامية من خلال خلق صاحب الزمان وسلكه داخل خط آل البيت؟بالتاكيد دون أدنى شك.هذا النجاح الثاني للفرس هو الذي سيوفر للصفوين الاستفادة من وحدة المرجعية.لولا فكرة صاحب الزمان ، مضافا إليها نمط الفكر الهرمسي الذي يجعل قوى خارقة تسيطر عليها أرواح آل عمران(أبي طالب)لما تمكن الفكر الإمامي من العيش الى اليوم[اسمه الحقيقي عبدمناف ولكن أسمته النصيرية عمران وهو لديهم ذو الكفل في القرآن لكفالته محمداً، وعنهم أخذ الإمامية تسمية عمران ليسهل إسقاط إن الله اصطفى آدم ونوحا وآل إبراهيم وآل عمران على العالمين عليه، إذا اقتضى الأمر ذلك].وعليه يكون ضلع الزهراء هو نفسه إيوان كسرى الذي احتله عمر بن الخطاب وألغى كيان الدولة الفارسية.هذا الشعور الذي لم يستطع حتى بعد قيام الثورة الإسلامية أن يحتفلوا بالفتح العربي للعراق وإيران ودخولهم في دين العرب.لأن صورة ايوان كسرى وهو يتهاوى ،قد احتلت مكانها في اللاشعور. ولما كانوا لا يستطيعون ذكر ذلك أسموه ضلع الزهراءومزجوا بين النكبتين نكبة الفرس ونكبة آل البيت في أيام يزيد.وسهل تداخل الأزمنة لديهم لأن العدو واحد إنه
العربنعثلقنفذعمرابن أبي قحافةبني أمية
كل من لا يكره هؤلاء فهو ناصبي لأن الناصبي ليس من ناصب عليا العداء كما عرفه أهل الحديث بل من لم يكره هؤلاءوسيأتي إله الفرس الزرادشتي الذي أسموه صاحب الزمانقائم آل محمدالإمام المهدي فيقتل العرباحفاد بني أمية أو أبناء عمر بن الخطاب فالمصيبة واحدة
لولا سقوط جنين فاطمة = سقوط عرش كسرى لما أودى لها في كربلاء عند الفرات جنينُ فالحسين قد مات نيابة عن الأمة الفارسية ولكنه عوضها بأن أولد بنت كسرى إماما سجادا يسمي الخلفاء قاسطين بدل مقسطين يخادع بذلك العرب الفرس ولستُ أدري من من العرب في ذلك العصر لا يميز بين قاسط ومقسط حتى يستخدم معه الفرس التقية على لسان السجاد كما قولوه (ابهتوا مخالفيكم وافتروا عليهم) نسوا أن أصله الرفيع لا يناسب هذا القول الوضيع

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق